• ٧ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٥ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الدرجة العليا من الصبر

الدرجة العليا من الصبر

◄يتم بلوغ ذروة الصبر عندما يتشبع الإنسان بها. يقول الله في محكم كتابه الكريم: (فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا) (المعارج/ 5).

كما أنّ الوصول إلى أعلى درجات الحسن يعني أيضاً بلوغ أعلى درجات الكمال، ولا يستطيع الكثيرون بلوغ هذه الدرجة من الصبر – والتي يمكن تسميتها بالصبر على الصبر – ولكنها تبقى هدفاً نسعى إلى تحقيقه، وبالإضافة إلى الأنبياء الذين بلغوا هذه الدرجة فقد بلغها أيضاً شهداء الإسلام وأتباعه العظماء، أمثال ياسر وزوجته سميّة وابنهما عمار، وكذلك المقداد وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي، ونجد في حياتهم أمثلة على الصبر المرتبط بالمصائب والمصاعب والفتن، فالبشر معرَّضون لأوقات عسيرة، ولا يوجد غير الصبر ما يحملنا إلى برِّ الأمان عبر المتاعب والمصائب.

إنّنا يجب أن ندرك بأنّه في الأوقات العسيرة يهبط، وبقدرة الله، نور في قلوب أحبّاء الله، وهو السكينة التي تثبّتهم على الصبر. والمؤمن الحقيقي لا يتوقف ولا يتخاذل، بل يتقدّم إلى الأمام في الأوقات العصيبة مستسلماً لإرادة الله بشكل تام. ويعلّمنا الله أنّ المعاناة التي نتعرّض لها هي وسائل لإكمال معرفتنا من خلال التجربة، كما أنّ اليقين المطلق للمعرفة يتم بلوغه من خلال التجربة.

يتضمَّن مفهوم الصَّبر، في الإسلام، عنصر العمل. وهو، بالنِّسبة للمسلمين، مفهوم غير خامل، بل نشطٌ وفعَّال؛ إذ إنِّه يحثّ على العمل والأداء الجيِّد، وهذا يقاس بالمدى الزَّمني للتحمُّل والمثابرة في وجه الصُّعوبات والمصائب.

ويتحقّق الصبر في الإسلام من خلال بذل الجهد، وهذا الجهد لا يتولد تلقائياً وإنما يتطلب الكثير من التركيز والسيطرة على النفس. يجب علينا أن نجاهد في سبيل الإسلام، وهذا يتحقق من خلال جهود حقيقية ومنسقة يبذلها كلّ واحد منا، فيجب أن نجتهد لنصل إلى الصبر لأنّه مفتاح الفرج.

يقتضي هذا المفهوم أن نعتمد منهجيّة تبدأ بتعريف للإسلام، يتضمَّن، إضافةً إلى الإيمان والشرائع والفضائل، أموراً أخرى ينبغي أن تعطى أهميّة خاصّة، وهي: مفاهيم الاتجاهات، أو الاستعدادات والسلوك؛ لأنّها عناصر حيوية تهيىء المسلم وتوجِّهه نحو بلوغ الصبر. أما كيف تتم هداية الفرد فذلك منوط بقدرته على السعي إلى المعرفة، باستعمال قوى النفس الروحية في خضوعها إلى إرادة الله وعملها من أجل الحصول على بركاته. ►

ارسال التعليق

Top